رئيس جامعة طرابلس لبنان في ندوة حوارية عن الأسرة
رئيس جامعة طرابلس لبنان في ندوة حوارية عن الأسرة : كفى عدوانا على أحوالنا الشخصية ، وأجندة المعتدين دوليا ومحليا باتت مفضوحة ومآلها إلى السقوط بإذن الله عاجلا أو آجلا
ضمن سياق حملة الدفاع عن الفطرة والدين والأسرة وبدعوة من ديوان طرابلس الثقافي شارك رئيس جامعة طرابلس الأستاذ الدكتور رأفت محمد رشيد الميقاتي في ندوة حوارية عن الأسرة مع سماحة مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد إمام وذلك في الرابطة الثقافية بحضور علمائي وجامعي ونسائي وشبابي كثيف ، بعنوان كفى عدوانا على أحوالنا الشخصية
وبعد تلاوة من القرآن الكريم رحّب الأستاذ محمد مدني بالمحاضرَين والحضور باسم ديوان طرابلس الثقافي مؤكدًا على أهمية الحفاظ على الفطرة والدين والأسرة في زمن تنوع التحديات
ثم تحدث سماحة الشيخ محمد إمام عن وحدة الأصل البشري وعن خلق الله تعالى للذكر والأنثى وعن التكامل بين الأدوار بين الجنسين وأثر ذلك على الأسرة .
من جهته أكد الدكتور ميقاتي على خطورة رؤية مرحلة ما بعد الحداثة والرامية إلى تفكيك الدين والدولة والثقافة واللغة والأسرة على مستوى العالم ، وأن القائمين على تنفيذ هذه الرؤية المدمرة للإنسانية يسعون تحت عناوين برّاقة إلى تفتيت الأسرة المسلمة والمسيحية بالدرجة الأولى بعد تفكيكها بتشريعات متدرجة .
وأضاف أن أعداء الأسرة يدلّسون على الرأي العام ويصوِّرون ماء شرائع الإسلام نارًا ونار المواثيق الدولية ماءً وهذا هو عين التضليل التشريعي وخداع الرأي العام ، مشبها ذلك بحال الذين دلّسوا على الناس بألاعيب الهيكلات المالية والهندسات النقدية في بنوك لبنان وهم يسرقون ودائع الناس ويفلسونهم .
ونبّه إلى أن ضرورة التمييز بين المطالب النسائية المحقة وبين الحركة النسوية الدولية feminism التي تعادي الرجال لكونهم رجالا وتعادي مؤسسة الزواج وتجعل المرأة وتمكينها بمثابة حصان طروادة وصولا إلى تدمير الأسرة وتفتيتها .
وحذّر ميقاتي من العبثية الجديدة في التشريعات الدولية التي تجنح نحو العدمية القائمة على موت المعنى وموت القيم وموت المرجعية وصولا إلى الزعم الكاذب بموت الإله ، فتتحول المواثيق الدولية إلى أداة تضفي الحماية على الخارجين على إنسانية الإنسان من خلال تنبني النظرية الفاشلة للنوع الاجتماعي الجندر والذي يهدم ثنائية الذكر والأنثى لصالح عبثيات الشذوذ والتحول الجنسي وثنائية الجنس وفوضى الأدوار وتدمير الفطرة .
وأشار إلى خطورة الخلط بين الحرية والفجور وإلى أن الحرية التي لا سقف لها إنما هي فوضى لا تعترف بثنائية الحلال والحرام فتحلل الحرام وتحرم الحلال وتجرّمه ، إلى درجة أن القتل يصبح حلالا حيث تتم شرعنة قتل الأجنة بإجازة الإجهاض ، وقتل الفطرة بشرعنة الدعارة والزنى واللواط والسحاق .
ولفت ميقاتي إلى أن الترويج لمقولة المساواة بين الجنسين تستبطن إلغاء التشريعات الربانية التي لحظت التنوع في الأدوار بين الذكر والأنثى بدلا من التماثل الموهوم ، مسلطا الضوء على جوانب من التمييز الإيجابي للمرأة في الإسلام بمنحها المهر والنفقة والحضانة خلافا للرجل ، منبها إلى أن الدعوة للمساواة المطلقة تتناقض مع الحقائق العلمية لوجود فروق بيولوجية وفيزيولوجية وسيكولوجية بين الجنسين ، كما تتناقض مع مزاعم إنصاف المرأة وتمكينها حيث تم إغراقها بأعباء التكسب والإنفاق اضطرارا لا اختيارا وحرمانها من الميزات الخاصة بها مما انعكس على الأسرة سلبا بعد النظر إلى الأمومة على أنها من الأدوار النمطية .
وكشف الخطأ الشائع بين الناس المتمثل باعتبار العنف ضد المرأة وفق معايير الأمم المتحدة أنه مجرد التعرّض البدني لها ، مؤكدا أن كل تمايز في الحقوق والواجبات بين الذكر والأنثى يعتبر لديهم عنفا يستدعي المكافحة والإزالة ، وهذا يعني إلغاء كاملا لشرائع الإسلام الحنيف القائمة على التنوع والتكامل والتعاون ، وتخريبا منظما للبيوت قائما على فوضى الأدوار ، وإلغاء لأحكام سبعين آية قرآنية مباشرة في نظام الأسرة ومئات الأحاديث النبوية الشريفة .
ثم قام ميقاتي بعرض مصوَّر بيّنَ فيه مسلسل الإكراه التشريعي الدولي في الثلاثين سنةً الأخيرة والقضاء على التعددية الثقافية وحرمان الشعوب من ممارسة حقها في تقرير مصيرها الثقافي والاجتماعي والاقتصادي وحرمان الدول من إبداء التحفظات القانونية على أجندة التنمية المستدامة الصادرة عن الأمم المتحدة والرامية إلى تدمير الأسرة وإشاعة الفوضى الجنسية ، منبها إلى خطورة التمويل الغربي للمنظمات غير الحكومية التي انتشرت في كل المدن والأحياء والتي تعمل على تغيير الهوية القيمية والتشريعية لأجيالنا بكل الوسائل ، مستغلة الوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب للشباب والفتيات لتجنيدهم في حملاتها المفضوحة والمكشوفة المؤيدة للفوضى الجنسية وتدمير الأسرة والمجتمع .
وأضاء ميقاتي على ضرورة عدم الوقوع في فخ الخلط بين الأحوال الشخصية لكل المذاهب والطوائف فلكلٍّ أحواله الشخصية ولا تتحمل طائفة أو مذهب وزر طائفة أو مذهب آخر في أحواله وتنظيماته ، كما نبه إلى عدم الخلط بين الشريعة الغرَّاء وبين ممارسات بعض المحاكم أو تقصيرها وهو ما يعالج من خلال التفتيش القضائي ، إضافة إلى ضرورة عدم الخلط بين الثابت والمتغير في الشريعة الإسلامية ، مبشرًا الحضور بقرب صدور نظام الأسرة الجديد للمسلمين السنة في لبنان عن المجلس الشرعي الاسلامي الأعلى بعد سنوات من العمل الدؤوب والذي يضمن حلولا ناجعة وشافية بإذن الله ، متوجها بالشكر لرئيس المحاكم الشرعية الإسلامية في لبنان القاضي الدكتور محمد عساف ، وداعيا بالشفاء العاجل لسماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان .
ثم تم عرض قصيدة حقوقية مصورة للدكتور ميقاتي بعنوان كشف الأقنعة الدولية عن العولمة الجنسية .
وفي ختام الندوة تم فتح باب الحوار حول عدد من القضايا حيث أفتى سماحة المفتي الشيخ محمد إمام في جوابه عن حكم العمل مع المنظمات والجمعيات التي تقوم على فكرة النوع الاجتماعي “الجندر” وتروج لأجندات التخريب الأسري تحت عناوين مختلفة ومنها المساواة المطلقة بين الجنسين والتنمية المستدامة والترويج لLgbt والشذوذ والتحول الجنسي ، بأن التعامل معها يحرم شرعا لأنه تعاون على الإثم والعدوان وهدم لشرائع الإسلام .